الرئيسية » » إدمان التسكع

إدمان التسكع

الكاتب Unknown يوم الثلاثاء، 29 أبريل 2014 | 3:06 م

                                  

                         إدمان التسكع  




   شاعت في أوساط الشباب كثرة اللهو و التجمع مع الرفاق أي بتعبير آخر "كثرة التسكع " بحيث صار يحتكر جزء هاما  وقت مجموعة من الشباب و يسلبهم وقتا ثمينا قد لا يعرفون قيمته إلا لاحقا، و صارت محافل الشباب و أوساط لهوهم و تجمعهم مقصد جملة من أفراد جيل المستقبل الذين يتم التعويل عليهم ليحملوا على عواتقهم مهمة التقدم بالأمة ، في وقت يكون فيه غائصا في التجمعات الشبابية .
و التسكع سائد بشكل كبير ، و يتمظهر في المجالس و المقاهي ، مجالس الحوار الخالي ، في قاعات الأنترنيت و اللعب ، قاعات الكلام الفارغ المتعب ، في أركان الدروب و الزنقات ، حيث تتصاعد القهقهات ، و تروى التجارب و الروايات ... كأن الأمر أشبه بحلقة محادثات ، في الحدائق و المنتزهات ، في النوادي و الصالات و الملتقيات ، وأماكن أخرى ...
و تشترك الوجهات المذكورة في كونها تشكل ساحة أغورا مصغرة لسفسطة شبابية لا نفع لها أحيانا ، نعم ، إنها موطن يتحول فيه كل شاب إلى برلماني أو سياسي يفقه الكبيرة و الصغيرة في السياسة ، موطن يتحول فيه كل شاب إلى مدرب أو محلل فني لدى أكبر القنوات الرياضية ، يحلل المباريات و اللقطات ، و يستذكر الأهداف و اللاعبين كدرس محفوظ عن ظهر قلب ، هذا يدافع عن برشلونة و ذاك يدافع عن ريال مدريد ، هذا يتحدث عن اللاعب فلان و ذاك يدافع عن فلان ... دون أن نغفل كون هذه الوجهات المذكورة سابقا قد تتحول أيضا في بعض الأحيان إلى مسرح للمواهب و الفنيات ، حيث تستعرض أغان و رقصات بين الفراغ و اللاهدف و حتى الفحش ، لتكتمل بذلك لوحة عنوانها 'شباب يضيع نفسه و وقته و أخلاقه'.
و قد تصير أماكن التسكع كذلك منصة عرض لآخر الأحذية الرياضية و السراويل و القبعات التي يستعرضها أصحابها كأنها فعلا منصة مصغرة للموضة الذكورية .
و قد يتحول الشاب أيضا في مثل هذه التجمعات الشبابية
 إلى كوميدي في جعبته جملة من النكت و القصص الطريفة ، فيقعد لأوقات و أوقات ،يضحك و يحكي حتى تحمر اللهاة و تنسل بذلك الساعات...
هناك سلبيات للتسكع ، كالخروج عن الأخلاق الحميدة بالكلام السليط و حتى التطاول بأعينهم على المحرمات و هما أمران مذمومان، و تكمن الخطورة أيضا في كون التسكع قد يتحول إلى مصدر بلاء قد يبتلى فيه الشاب ببعض الرذائل في مقدمتها التدخين و تعاطي المخدرات ، كما قد يصير التسكع   كذلك أحيانا مصدرا لنشوب مجموعة من الصراعات بين الشباب ، لأتفه الأسباب...
و لكن كل هذا لا يجزم بكون التسكع أمرا سلبيا و فقط ، بل هو  أيضا ذلك المتنفس -مهما كان - الذي يخرج الشاب من بعض الروتين و الجدية إلى فضاء زمكاني يتخلله الاستمتاع مع الأصدقاء بشتى الوسائل و في شتى الأماكن و الأزمنة،و لدفع المضار التي سبق ذكرها ، وجب بكل بساطة تجنب الإدمان على هذه المسألة و تأطيرها تحت الأخلاق و التجمعات الهادفة مع ضرورة التحلي بآداب الطريق و المجالس
بخلاصة،إنها شيء طبيعي يشمل عامة الناس و الشباب خاصة ، إلا أن الشيء الذي زاد عن حده انقلب إلى ضده ، فلا بد من تجنب الإفراط في هذا الأمر و عدم تركه عنوانا جد بارز في جدولتنا الزمنية ، فالتجمع و الترويح عن النفس تارة ، و تارة أخرى وجب التفكير الجدي في إمكانية استغلال زهرة الحياة - الشباب- لتحقيق فلاح دنيوي و أخروي ، و هنا دعوة خالصة  إلى المزج بين الراحة و المرح و بين المطالعة و القراءة خلال الوقت الثالث  و كذا محاولة بناء الذات بناء متينا يتخلله صرح طاهر 

0 التعليقات:

إرسال تعليق